الصباح العربي
الخميس، 21 نوفمبر 2024 12:00 مـ
الصباح العربي

بأقلام القراء

القناة بين تجارب الماضي وأخطار الحاضر

محمد فؤاد باحث في كلية الدراسات الأفريقية العليا جامعة القاهرة
محمد فؤاد باحث في كلية الدراسات الأفريقية العليا جامعة القاهرة

بقلم / محمد فؤاد

قناة تفصل قارتين وتربط بين بحرين ، هذا جغرافيا بل تربط بين الجنوب والشمال ، الشرق والغرب ، أما تاريخيا فكانت سببا مباشرا في دخول الانجليز الي مصر سنة 1882 حتي خروج اليهود من سيناء سنة 1973 ومابين التاريخين من حروب وانتكاسات .

القناة الذي رفض فكرتها محمد علي قائلا لا أريد بسفورا جديدا في مصر " ونفذ فكرتها حفيده سعيد باشا وحفرها المصريين وأشرف عليها الفرنسيين وأحتكرها الانكليز .

"قناة السويس تحقق أعلي إيراد سنوي في تاريخها 7 مليار دولار "

من واقع هذا الخبر يظن البسطاء المصريين ان دخل القناة السنوي رقم مؤثر في خزينة الدول ، ولكن عند النظر لدول الجوار سنجد المعادلة مختلفة تماما/

السعودية تجني مليار دولار يوميا من النفط ، حيث ارتفعت صادرات النفط في السعودية الي 7 ملايين برميل يوميا وفقا لاحصائيات اوبك يناير 2022

بمعني ان دخل القناة في سنة بالكاد دخل السعودية في اسبوع .

لا شك ان العلاقة بين بترول الخليج والقناة هي اقتصاديا وتجاريا علاقة حتمية ومؤخرا ظهرت تحديات عديدة في حركة الملاحة العالمية كانت ستقتل دور القناة أبرزها /

1- الناقلات العملاقة

2- امدادات خطوط الأنابيبالأرضية

3- زيادة التبادل التجاري بين دول الخليج العربي والشرق الاقصي

باالنسبة للخطر الأول الذي كان يهدد القناة ظهور الناقلات العملاقة حيث وجد ان تكاليف نقل الطن بالناقلات العملاقة عن طريق الرأس (كيب تاون) اصبحت اقل من تكاليف نقله بالناقلات الصغيرة عن طريق السويس بل حتي لو لم تفرض علي الاخيرة اي رسوم مرور علي الاطلاق وهذا هو الخطر في الامر فرغم فارق المسافة الضخم الذي كان يعطي الاولوية المطلقة للقناة انقلب الموقف راسا علي عقب هنا تغلبت التكنولوجيا علي الجغرافيا حيث أن الحاويات التي كان يزيد عرضها عن 70 متر كانت تجد صعوبة في المرور من القناة فكانت الناقلات تبني بمقاسات ومواصفات وغاطس تتحدد كلها تبعا لامكانية عبور القناة ولكن مع تطور تكنولوجيا صناعة السفن العملاقة لابد ان تتطور القناة وتواكب الزمن فاتجهت الدولة المصرية الي تعميق المجري الملاحي عدة مرات ثم موخرا تم عمل تفريعة جديدة بطول 35كم بالاضافة الي تعميق البحيرات المرة لنواجه أخطر تحدي عالمي يهدد القناة .

الخطر الثاني يتعلق بخطوط الانابيب العملاقة العابرة في مسارات ارضية حيث تتجه العديد من الدول الي ذلك ودفع رسوم بسيطة للدول الترانزيت الذي يمر عليها خط الانابيب خاصة الغاز الطبيعي وتوفر خطوط الانابيب تكلفة النقل بالناقلات البحرية وما تشمله من تكلفة النفط والتشغيل والرسوم للموانئ او القنوات والمضايق الملاحية وكذلك توفر اجور طاقم الحاويات الخ لذلك يجب أن تجدد القناة المصرية دورها وتوفر البدائل لعملائها يجب علي مصر نفسها من الآن تمتلك اسطولا كفئا وقويا من السفن العادية والناقلات وبخاصة المتوسطة والصغيرة لتستعمله هي بنفسها وعلي قناتها في نقل البترول والبضائع بين الشرق والغرب ، فمن المخزي أن تتفوق سنغافورة علي مصر في هذا المجال علي الرغم أن الاخيرة ذات موقع متطرف بينما مصر تمتلك ناصية وقلب العالم وعند مقارنة ميناء بورسعيد وميناء سنغافورة لن نجد مجالا للمقارنة حيث يحقق ميناء سنغافورة دخلا يزيد علي 21 مليار دولار سنويا كعائد للخدمات اللوجيستية فقط حيث تمر به خمس حاويات الشحن العالمية يتبادل الميناء البضائع مع 600 ميناء في 123 دولة حول العالم كما يقوم الميناء بدور الترانزيت اذ يعمل علي تزويد السفن المارة به بالوقود والخدمات اللازمة غير معقول علي الاطلاق ألا يكون لمصر صاحبة القناة اسطول ناقلات ونقل تدعم به قناتها وتوظفه في خدمتها بينما ان لكثير من الدول البحرية المتقدمة والمتخلفة اساطيل كبري تعيش علي القناة وبالقناة فان مصر لا يجوز ان تظل مجرد ممر بل وجب الان ان تتحول الي دولة ناقلات ومنطقة لوجيستية علي جانبي القناة حتي لا يحدث عملية اسر نقلي علي نمط العصور الوسطي وحتي نستطيع في الوقت الحالي أن نضيق الخناق علي مشاريع اسرائيل التي من شأنها ستؤثر علي القناة بالسلب اذا توقفنا عن التطوير.

ومن العجيب في مصر ان هناك ثلاث جامعات جكومية ضخمة بالقرب من مدن القناة كجامعة قناة السويس في مدينة الاسماعيلية وجامعة بورسعيد وجامعة السويس ورغم ذلك لم نستغل هذه الجامعات في خدمة القناة، مازات تلك الجامعات تفتح ابوابها لكليات تقليدية يكتظ سوق العمل بها كاالآداب والحقوق والتجارة والتربية وغيرها من الكليات والدراسات النظرية يجب ان تكون هذه الجامعات الاقرب للقناة ان تعمل علي تحقيق التنمية واحداث الطفرة في القناة حيث يؤكد الخبراء اذا استغلت منطفة القناة بشكل جيد تستوعب 4 ملايين عامل ترتبط بمشاريع تحلية المياة واستصلاح الاراضي ومشاريع الاستزراع السمكي ، يجب ان يعيد وزير التعليم العالي والبحث العلمي النظر في البرامج المقدمة في تلك الجامعات لتعمل علي خدمة القناة وان استعان بخبراء اجانب في بداية الامر لدراسة علوم النقل البحري وكل ما يتعلق بنظم الملاحة والخدمات الليجوستية وصناعة الناقلات الخ أي تكون جامعات متحصصة في علوم البحار والملاحة والنقل البحري من خلال كليات تطبيقية ومعاهد فنية تؤهل الخريجين الي هذا المجال كما في جامعة بنما التكنولوجية .

اما الامرالثالث والاخير الذي يهدد عدد السفن المارة بالقناة هو منطقة النفوذ التجاري في منطقة الخليج العربي واحتياطي البترول المؤكد في هذه المنطقة .

من مصلحة القناة ان يكون التبادل التجاري بين دول جنوب و غرب اوروبا الصناعية ودول الخليج العربي النفطية اكبر وأغزر من التبادل بين دول الخليج من جهة وبين دول الشرق الاقصي من جهة أخري متمثلة في الغول الصيني واليابان المتقدم وكوريا الجنوبية والهند ودول النمور الاسيوية الصاعدة كل هذه الدول لا يجب ان يعتمد علي النفط الخليجي لانه لا يستخدم في هذا التبادل التجاري الضخم طريق القناة ، علي عكس دول أوروبا الذي يوفر لها طريق القناة نصف المسافة وأكثر بالمقارنة بطريق الدوران حول أفريقيا المعروف بطريق الرأس.

وفي حقيقة الامر القناة في البداية نشات قبل اكتشاف البترول وكانت تبرز اهميتها الاستراتيجية لبريطانيا فكانت القناة طريقا الي الهند اهم مستعمرات الانجليز في القرن التاسع عشر فأصبحت القناة بعد اكتشاف البترول في الشرق الاوسط طريقا الي الخليج ولكن ماذا ينتظر القناة في المستقبل ..

قد ينتهي الاحتياطي الموكد من منطقة الخليج العربي بعد فترة زمنية قد تكون قرن او اكثر او اقل وقد تتقدم التكنولوجيا وتعتمد علي مصادر طاقة اخري في المستقبل القريب كالطاقة الشمسية وطاقة الرياح بدلا من النفط ويعود الخليج للرعي مرة اخري ولكن في كل الاحوال تبقي القناة فمصر رغم كل شئ موقع خالد لا يمكن ان يتجاهل او يهمل او يبلي سواء بوجود البترول او عدمه فمنذ صنعت مصر التاريخ عاشت فيه كل عمرها .

القناة بين تجارب الماضي وأخطار الحاضر

بأقلام القراء

آخر الأخبار

click here click here click here altreeq altreeq