الإعلام الأمريكي: الحرب على غزة ولبنان مستنقع للاحتلال
اعتبرت وسائل الإعلام الأمريكية، أن الحرب على غزة ولبنان بمثابة مستنقع لدولة الاحتلال الإسرائيلي، التي تتكبد المزيد من الخسائر البشرية والأضرار الاقتصادية.
وذكرت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية، أنه رغم التعبئة الكاملة، والدعم شبه الثابت من جانب الحكومة الأمريكية، واحتلال جيش إسرائيل لنحو ثلث أراضي قطاع غزة، يبقى ذلك بالنسبة للعديد من الإسرائيليين أشبه بالهزيمة.
وأرجعت المجلة ذلك إلى فشل جيش الاحتلال في تحقيق الأهداف المزعومة للحرب، والمتمثلة في استسلام قيادة حماس، واستعادة نحو 100 محتجز في غزة، مذكرة بأنه لا تزال القيادة نفسها تحكم جيش الاحتلال منذ 7 أكتوبر 2023.
وقالت المجلة إن سكان المستوطنات الشمالية والجنوبية لا يزالوا غير قادرين على العودة، وذلك بعد نزوحهم هربًا من الصواريخ القادمة من غزة ولبنان، مشيرة إلى أن كل هذا يساهم في تعزيز الشعور باليأس والقنوط.
كما عملت الحرب المتعددة الجبهات التي تخوضها دولة الاحتلال على توسيع الشقوق الاجتماعية والسياسية القائمة بين معارضي رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو وأنصاره، حسبما ذكرت المجلة.
وتوقعت "فورين أفيرز" ألا تغيّر الحرب التي يشنها جيش الاحتلال على لبنان منذ 17 سبتمبر المنقضي، كثيرًا من الحقائق الكامنة التي تهدّد "إسرائيل"، مشيرة إلى أن التغيير لن يحدث تمامًا كما "لم تغير الحرب في غزة الكثير من الحقائق".
سقوط السيد الآمن
وأوردت المجلة أن "نتنياهو يقدّم نفسه، وعلى مدى عقود من الزمن، السيد الآمن"، كما زعم أنه يستطيع الحفاظ على أمن "إسرائيل" أكثر من الجنرالات السابقين، الذين اعتبرهم "خجولين وغير مبدعين، ومنتبهين بشكل مفرط لرغبات الولايات المتحدة"، لتؤكد أن ذلك كله سقط صبيحة السابع من أكتوبر 2023، وأن نتنياهو لا يزال يرفض الاعتراف بأي مسؤولية عن مقتل مئات الإسرائيليين واحتجاز 250 آخرين.
ولفتت المجلة إلى أن الحرب المتعددة الجبهات التي تخوضها "إسرائيل" الآن تمثل أيضًا "حربًا داخلية"، قائلة إن نتنياهو "أصبح رهينة لحلفائه اليمينيين الذين يشاركوه القناعات الأيديولوجية، كما يسعى الآن إلى احتجاز الرأي العام الإسرائيلي رهينة"، متطرقة إلى أن إصراره على السلطة "يمثل ربما أعظم قطيعة مع الوضع الراهن".
وفي قراءتها لنتائج ما يقوم به نتنياهو، رأت "فورين أفيرز" أن "الليبراليين الإسرائيليين" يواجهون الرفض من جانب الغرب التقدمي في الخارج، إضافة إلى "الشيطنة والتهميش من جانب قاعدة نتنياهو اليمينية المتطرفة في الداخل"، لافتة إلى أن ذلك يجعلهم أمام خيارين، حسب ما تبنته، وهما إما الهجرة، بشكل موقت على الأقل، أو التقدم بطلب للحصول على جوازات سفر أجنبية على أساس النسب.
وأوضحت المجلة الأمريكية، أن الحديث عن المغادرة أصبح شائعًا بين الإسرائيليين منذ بداية أزمة التعديلات القضائية التي عصفت بـ"إسرائيل" ونتنياهو، كما تزايدت حدته مع استمرار الحرب الحالية.
غزة ولبنان مستنقعان
وحذّرت المجلة من إطالة أمد الحرب، مشيرة إلى أن ذلك من الممكن أن يحصل في مسعى عبثي لتحقيق "النصر الكامل"، وأن من شأن ذلك أن يستلزم المزيد من الخسائر البشرية والأضرار الاقتصادية، خصوصا مع تزامن ذلك مع توقف معظم شركات الطيران الأجنبية عن السفر إلى "إسرائيل"، وبلوغ التصنيفات الائتمانية لـ"إسرائيل" أدنى مستوياتها، إضافة إلى الإرهاق الذي يصيب قوات الاحتلال بسبب طول المعركة.
وختمت المجلة الأمريكية قائلة: "لقد كانت غزة ولبنان مستنقعين لإسرائيل لعقود من الزمان، ولا ينبغي تكرار الأخطاء القديمة، بل يجب تقليص الخسائر وإبرام صفقة عاجلة".
التكاليف الاقتصادية
وتحدثت شبكة "سي. إن. إن" الأمريكية، في تقرير لها عن تفاقم التكاليف الاقتصادية بالنسبة إلى كيان الاحتلال الإسرائيلي، بينما تواصل "تل أبيب" الحرب على جبهات متعددة بعد مرور ما يقرب من عام على 7 أكتوبر.
ونقلت الشبكة عن كارنيت فلوج، محافظة البنك المركزي الإسرائيلي السابقة، أنه "إذا تحولت التصعيدات الأخيرة إلى حرب أطول وأكثر كثافة، فإن هذا من شأنه أن يفرض ضريبة أثقل على النشاط الاقتصادي والنمو في إسرائيل".
وقد ينكمش اقتصاد "إسرائيل" أكثر من ذلك، استنادًا إلى أسوأ تقدير من جانب معهد دراسات "الأمن القومي" في جامعة "تل أبيب".
وحتى في سيناريو أكثر اعتدالًا، يرى الباحثون أيضًا أن "الناتج المحلي الإجمالي الإسرائيلي للفرد سوف يتراجع هذا العام"، مع نمو عدد المستوطنين بسرعة أكبر من نمو الاقتصاد، وانخفاض مستويات المعيشة.
وقبل السابع من أكتوبر، توقع صندوق النقد الدولي أن ينمو اقتصاد "إسرائيل" بنسبة 3.4% هذا العام. أما الآن، فتتراوح توقعات خبراء الاقتصاد بين 1% و1.9%. ومن المتوقع أيضاً أن يكون النمو في العام المقبل أضعف من التوقعات السابقة.
ومع ذلك، فإن البنك المركزي الإسرائيلي ليس في وضع يسمح له بخفض أسعار الفائدة لإنعاش الاقتصاد لأن التضخم يتسارع، مدفوعًا بارتفاع الأجور والإنفاق الحكومي المتزايد لتمويل الحرب.